قرأتك سيدتي.. فاقرئيني - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


ردا على حلقتي الأولى
قرأتك سيدتي.. فاقرئيني
إيتاليكا - 25\07\2012

( للمنطق ثلاثة وجوه.. وجهة نظري، وجهة نظرك، والوجهة الحقيقية )

صغيرتي المدللة:
يوم زرتني آخر مرة، كنت غاية في الروعة والجمال. لا زلت أذكر ذلك. أذكر كل ماضينا. واذكر تلك الليلة بالذات. تلك الليلة التي لم تنته مني بعد. أذكرها. أشتاقها. وأشتاقك أيضا.

أذكر جيداً:
كنت أتحرق شوقا للقائها، رغم أنني كنت معها يوم الجمعة الذي مضى. كنت لا أشبع منها مع أنها تسكنني. دخلت، كان فيها سحر غريب هذه المرة؛ سحر لم أشهده فيها من قبل، سحر لا أملك وصفه ولا حتى مقاومته، سحر سرق الحديث مني، فوجدتني أمسك رأسها بإحكام، ألتهم السحر فيها قبل أن يلتهمني.

- ما بال هذه المرأة، ألا تعطي لسحرها هذا إجازة صغيرة؟
أكاد لا أنهي قبلتي حتى أسمع نداءا قويا آخر يخرج من صمت شفاهها اللذيذة. أحس بحرارة قوية تجتاح جسدي. تشعل في حاجز الإرادة تحرقه وتنهيه. فأقترب منها أكثر. أحتضن جسدها الصغير. تعانقني بقوة. أقبلها.\

- ما بال القبل اليوم لا تنته، ولا تشبع غريزتي؟
تحولت قوة حبها هذه كتلة من نار تكوي في رغبة أحاول جاهدا تجاهلها، لكن الحب الذي يعصف بي كان أقوى من هذه الرغبة.. حب تلك المرأة.. القوية أمام ضعفي.. الضعيفة أمام قوتي.. تلك المرأة الجريئة الخجولة.. تملؤها أنوثة لا تقاوم.. طابع خاص يميزها عن باقي الإناث.. إنها حقا امرأة استثنائية..

قاومتني بشدة، حاولت جاهدة إبعادي، لكنها استسلمت أخيرا لرغبة تسري في عروقها، توقظ فيها أنوثتها الخجولة. استسلمت أمام نداءات روحي وهيام جسدي المتعطش لها.. واستسلمت لها أيضا..

ما بالك صغيرتي؟ لماذا قاومتني بهذه القوة ما دمت تشتهيني؟ لماذا حاولت إبعادي وجسدك يناديني؟ أتكذبين علي حبيبتي، أم انك تخجلي مني؟!!

إن أروع الأمور التي تصادفنا.. هي تلك التي تحدث معنا دون تخطيط مسبق...

تلك الفتاة الساذجة البريئة، تحولت دفعة واحدة امرأة مثيرة شرسة. تلتهمني دون رحمة. تشعل الكبريت من حولي وتشعلني. تحولني طفلا صغيرا يستمع بعجز إلى جنونها، يلبي رغباتها الصامتة ويكسر فيها حاجز القوة المصطنع.

أتعبتني تلك المرأة كثيرا، رغم رقتها وحنانها. ألقيت بجسدي المنهك فوق الكنبة، استلقت هي إلى جانبي، ألقت برأسها المثقل فوق صدري وهدئنا معا. كان الصمت سيدنا، والسكينة تلفنا من كل اتجاه، لنسترسل في نشوتنا الأولى.
مارست الجنس مرات عدة في حياتي واستمتعت فيه، لكني اليوم مارست الحب للمرة الأولى.. معها هي.. تذوقت روعة هذا الحب للمرة الأولى.. وتعلمت أن الحب والجنس أمران مختلفان رغم تشابههما، وأن في الحب متعة أكبر كنت أجهلها ووصلتها اليوم للمرة الأولى..

دائما تكون الأشياء ألذ حين نتذوقها للمرة الأولى..

لم أكن ادري أن لحبك هذا مذاقا خاصا سيدتي. أين تعلمت هذا الفن؟ من أين جئت به؟ ولماذا أخفيته عني كل هذه المدة؟ لم أكن أعلم أنك تخفين خلف هدوئك المستتب عاصفة هوجاء، تقتلع مني نساء حطت على جسدي قبلك.

...
ما أن استعاد كل منا قوته حتى نهضت تنظر إلي بقلق مضطرب، وتساؤلات يملئها خوف مرتبك ظننته خجلا يجتاحها، وأنها نهضت تدعوني لنستكمل ما قد بدأناه..
راحت تسألني عن هذا السحر المتجدد في على حد قولها.. عن تلك اللمعة في عينيي، وعن سر سعادتي المفاجئ. عندها تسلل الغضب بقوة إلى جسدي. حولتني من طفل صغير إلى عجوز هرم منهك العزيمة والقوى.

دائما هي النساء هكذا، تمتلك سببا مقنعا لتقتل سكرة الحب فينا.

ألم تدرك تلك السيدة بعد كم أحبها؟ أما زالت تشكك في إخلاصي لها؟
تلك المرأة الغريبة.. تجالسني.. تحدثني.. وتمارس الحب معي.. يتسلل السحر منها إلى جسدي، ويسطع عمدا في عينيي ليعكس صورتها الجميلة.. ومن ثم تسألني عن هذا السحر؟

سكت طويلا. فكرت أكثر: أأصمت وادع نيران غضبي تحرقني، أم أصفعها ألما يستفيقها؟
تلك المرأة المجنونة، ألا تدرك حتى الآن أني أحبها؟! لقد استشاطتني غضبا يحرق من حولي كل شيء. يحرقني ويبقيها..
ابقي سيدتي وحدك واحرقيني. لم اعد أريد البقاء. أخاف أن اعتادك وتعتادينني، وأن أضطر مكرها لاعتياد شكك الملعون في. أخرجي سيدتي. سيدة أخرى تسكنني. تشغلني عن عالمي هذا وعنك.
لا اعلم كيف خرجت تلك الكلمات بانسياب مقنع مني، لكنني أعلم أنني رأيت الحزن في عينيها. رأيت اللوم فيهما أيضا. رأيت دموعا تختبئ رغما عنها.. ورأيت ألما لا يضاهي ألمي.

لملمت أغراضها وخرجت، دون أن تنظر إلي. دون أن تودعني. دون حتى أن تعتذر لي. ودون أن تطبع قبلة في كفي الأيسر كما عودتني. خرجت هي وبقيت أنا وحدي.

سيدتي:
إني أرى كل شيء بوضوح من حولي، حتى لو تجاهلت ذلك. أشعر بآلامك. أحس فيها تخترقني. تمزقني مع كل كلمة أتفوه فيها. لكن اعذريني. أكره أن أقتل حبي بالعادة، وأكره أن أقتل حبك أنت بالذات.. ملهمتي.. غاليتي.. صغيرتي..
أن تقتلي يعني أن أنتهي. وأنا لم أشبع منك بعد، فكيف لي أن انته؟
أن أشبع يعني أن أنته منك أيضا، ولست أريد منك أن تنتهي..
اعذريني سيدتي.. لم يعد لك مكان في الواقع معي.. فالواقع مع الأيام يقتلنا.. مثلما أنت اليوم قتلتني.. يقتل أشياءنا الحميمة.. يسرق ذكرياتنا الجميلة.. يستبدلها بالعادة.. وأنا صرت أكره العادة، صدقيني..
دعيني فقط أحلم فيك.. فشوقي إليك يحييني.. يعطيني دفعة، لأبقي حبك في، رغم شكك المتواصل..

اعذريني سيدتي وأرجو منك أن تفهميني..

"إن مأساة الحب الكبير.. أنه يموت دائما صغيرا.. بسبب الأمر الذي نتوقعه الأقل".. (أحلام مستغانمي)